الصراع الديني والطائفي في العالم الاسلامي والعربي، هل من صدى له في التاريخ ؟ هل من شبه له في الديانات الأخرى؟




 هشام بنعلي قدور                                   hicham benali kaddour


إن المتأمل للواقع العربي والإسلامي وما يطبعه من صراع مذهبي وطائفي مميت ، يحق له ان يتساءل حول الاسباب والدوافع التي أدت إلى انتشار مثل هذه المظاهر المقيتة داخل المجتمعات العربية والإسلامية ؟ ما الهدف من هذا الصراع الطائفي والمذهبي ؟ من المستفيد من هذا الواقع ؟ هل دوافع هذا الصراع دينية بحثة أم أن الدافع سياسي صرف؟ أو ربما اقتصادي محض ؟ هل هناك أطراف تحرك هذا الصراع ؟ وإذا كانت هناك اطراف هل هي داخلية أم خارجية بمعنى من داخل البيت العربي الاسلامي أو من خارجه ؟ أم أن كل هذه العوامل مجتمعة هي التي تذكي جذوة  الصراع وتنفخ على ناره؟
ثم هل هناك تجارب مشابهة لما يعيشه العالم العربي والاسلامي من صراع ، عاشتها مجموعات دينية اخرى من غير المجموعات الاسلامية  ؟
اسئلة كثيرة ليس من المهم الاجابة عنها، بقدر ما يعتبر طرحها ذا فائدة لا تعد ولا تحصى في اثارة نقاش جدي حول هذا الموضوع ، الذي كان سببا في مقتل الألف من الناس في كل من سوريا والعراق ولبنان والجزائر "غرداية".
الثابت هنا أن مثل هذا الصراع عرفته ديانات أخرى ، واوضح مثال على ذلك وابرزه على إلاطلاق هو الديانة المسيحية ، والتي عرفت تشققات وتفككات كثيرة ودامية على مر تاريخها الطويل أدى إلى ظهور  عدة مذاهب وطوائف ومجموعات كنسية لا حصر لها ، كالانقسام الذي حدث إبان القرن السادس والذي أدى تشكل مجموعتين دينيتين متناحرتين هما : الأرثدوكسية والكاثوليكية وخروج الحركة الاصلاحية بقيادة مارتن لوثر من رحم الكاثوليكية والمسماة بالبروتستانية وما رافق ذلك من صراع دموي مدمر كاد يبيد أوروبا عن بكرة ابيها ، تجسد في حرب الثلاثين عاما  وما تلاها من قتال شرس بين ابناء العائلة الواحدة والقبيلة الواحدة وحتى البلد الواحد .
ولعل التاريخ يعيد نفسه بالخصوص في هذه المسألة بشكل لا ريب فيه ، فيما يتعلق بالصراع الطائفي والمذهبي الذي يشهده العالم الاسلامي والعربي، هل نحن يا ترى مجبرون على المرور مما مرت به أوروبا ، ونتجرع السم من نفس الكأس الذي شربت منه أوروبا ، لكي ندرك في نهاية المطاف مدى فداحة الاخطاء التي نرتكبها ؟
لكن الملاحظ أيضا  في الديانتين المسيحية والإسلامية  هو وجود تناسب عكسي، بمعنى كلما وصل منسوب الانحطاط أوجه على كافة المستويات :السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية و القيمية والأخلاقية ... ارتفعت الصراعات الدينية والمذهبية . وكلما ارتفع مستوى الرقي في المستويات والأبعاد السابقة الذكر ، قل معه الاحتكام إلى السيف والبندقية ، وزاد في المقابل الاعتماد على العقل والحكمة والديمقراطية في تدبير الاختلاف. وهنا يمكننا القول انا ما عاشته أوروبا من تطاحن وصراع ديني خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، بدأنا نعيش ملامح بروزه في عصرنا الحالي ، دون ان نغفل بطبيعة الحال تجدر هذا الصراع داخل الجسم الاسلامي والعربي منذ القرون الاولى لانتشار الاسلام .       

      

تعليقات