كتابة : هشام بنعلي قدور .
كثيرا ما يتم التداول اعلاميا أو من طرف عدد من النخب العربية والمغربية
، بأن هناك مؤامرات تستهدف زعزعت استقرار وامن هذه الدول من الداخل ، عن طريق اشعال
فتيل مظاهرات و انتفاضات وتوارث. لكن مثل هذه الادعاءات مردود عليها ، وبل تفتقد للصلابة
الفكرية و المنطقية ، وربما تعتبر مناقشتها والوقوف عليها مضيعة للوقت لا اقل و لا
اكثر .
لأن ما يجب ان يعلمه هؤلاء ،انه يستحيل ــ واسطر على كلمة مستحيل
ــ زعزعت امن واستقرار دولة او دول تتوفر فيها شروط عقد اجتماعي واضح يرتكز على العدالة
الاجتماعية و الاقتصادية، و المساواة امام القانون، و استقلال القضاء، و التداول السلمي
للسلطة و الانتخابات النزيهة والحرة، واحترام ارادة الشعوب في اختيار قراراتها ، و
ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وسيادة دولة المؤسسات الحقيقية وليس المؤسسات الشكلية فارغة
المضمون .
ومع الاسف فنقيض ما سبق
هو ما نجده سائد في الدول العربية و على رأسها
المغرب، فهذه الدول تحمل بذور فنائها داخلها و لا تحتاج إلى من يتآمر عليها من الخارج،
تبقى مسألة تحولها إلى دويلات فاشلة متحاربة داخليا ، قائمة بحده، مادمت انها خرجت
عن السكة الصحيحة وسارت في طريق مجهول . فالدولة
العربية الحديثة هي مسخ مشوه وصورة مشوهة وغير مكتملة للدولة الغربية الحديثة ، لم
تتبلور نتيجة صراع و بناء داخلي متواصل ، ونفس الشئ يمكن ان يقال عن النخب السياسية
والاقتصادية الحاكمة على طول الخريطة العربية نخب انتجت في الغرب وتعاقدت معا صانعها
على تبادل المصالح "تسليم الموارد الطبيعية: البترول، الغاز، الفوسفات، الثروات البحرية ... والموارد
البشرية سوق استهلاكية للمنتوجات والقيم الغربية مقابل تسليم الكراسي و الدفاع عنها
وعن اصحابها من الحكام الفاسيدين . إدن فالمسألة لا تخرج عن نطاق صفقة تسيلم و استلام لا تعيير اي اهتمام
لشعوب العربية وقضياها، وهذا ما يفسر سلوك
هذه الأنظمة، القمعي و التحقيري اتجاه الشعوب
العربية ، والذي اصبح يقابل بالعنف ، لأن
العنف يولد العنف، والقمع يولد القمع ، وهذا ما برز مع الجماعات المسلحة التي
اصبحت منتشرة و اصبح لها كذلك اتباعها ومريدوها .
و لنا إذا أن نتساءل الآن عن اي امن ؟ وأي استقرار ؟ يتحدث عنه هؤلاء وأي جهة يخدمها هذا الامن ؟ وفي صالح من ما يسمى الامن والاستقرار الجواب بسيط ومعروف
و لا يحتاج لكثير فلسفة و تفكير ما يسمونه
بالامن والاستقرار ، هو في صالح فئات وطبقات معينة تستفيد من الوضع الحالي بشكل كبير
في صالح (الانظمة و في صالح رجال الاعمال مصاصي الدماء و في صالح الاحزاب السياسية)
هؤلاء هم المستفيدون الحقيقون من الامن والاستقرار
، اما الفئات الاخرى كالطبقة المتوسطة التي يرمى لها بفتات موائد البرجوازية و الاريستوقراطية
وكدا الطبقات المسحوقة، فهولاء جميعا ، لن يستشعروا أي فرق سواء كان هناك
امن او استقرار او لم يكن.
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك حول الموضوع