عندما بدأ ما سمي إعلاميا بالربيع العربي او الربيع الديموقراطي أو غيرها
من التسميات ، التي تعبر عن انتفاض الشعوب العربية الاسلامية ضد كل أشكال الطغيان
والاستبداد واحتكار السلطة وغياب العدالة
الاجتماعية .
عند كل ذلك ، بدأت التحليلات
والتفسيرات لما حصل ، حيث ظهرت هنا وهناك تفسيرات إقتصادوية و أخرى سياسوية وثالثة
إعلاموية ... ، الكل يرجع فضل الحراك
الاجتماعي إليه . وكما يقال الانتصار له
ألف أب أما الهزيمة فهي يتيمة . الاسلاميون
يقولون بأن تحريك المياه الراكدة يعود إليهم هم، لا لغيرهم ، هم من واجهوا الانظمة
العسكرية و الديكتاتورية ، واليساريون يقولون أن هذا الحراك هو نتيجة نضالهم ضد
الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة ، وهكذا فكل جهة تنسب الحراك إليها .
لكن ، في نظري أن العديد من هؤلاء
الذين ذكرنا أعلاه و غيرهم ، تغافلوا ،
إما عن سوء نية أو عن حسن نية ، عن دور عامل مهم ، من بين عوامل كثيرة ، ألا وهو دور الانترنيت في
تسهيل عملية التواصل قبل و أثناء وبعد اندلاع الانتفاضات في الوطن العربي .
ترى ما هي تجليات هذا الدور ؟
معظم الناس يعلمون أن الانترنيت أصبح ضرورة حتمية لا مناص منها ولا فراق عنها ، لأنه سهل عملية التواصل بين بني
البشر ، ألغى الحدود وقلص بشكل ملحوظ من قدرة وسائل التواصل التقليدية ( الجرائد
والراديو و التلفاز...) ، التي كان فيها دور الإنسان سلبي ، مجرد متلقي للأخبار و المعلومات
، لكن مع مجيء الانترنيت تغير الامر ، لم يعد الإنسان مجرد مستقبل للمعلومات ، بل
أصبح هو الاخر ينتج الاخبار و الفيديوهات و المقاطع الموسيقية ، أصبح يعلق عليها ،
أصبح يعبر عن رأيه سواء عن طريق ما هو سمعي_بصري أو عن طريق التدوين عبر المدونات
(مثلما نعمل نحن الان) .
إذا فالانترنيت نقلت الإنسان من
مرحلة أو خانة التلقي إلى خانة الفعل ، فتحول إلى صحفي يستطع تصوير مقطع فيديو أو كتابة مقال معين حول قضية أو مسألة معينة تهم
معيشه اليومي . أصبح قادر على فضح المستور الذي أريد له أن يبقى مستور . ويقوم
بتحميله على أحد مواقع التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار التي يرتادها الملايين من
البشر دون الحاجة إلى المرور عبر مقص الرقيب ، كاليوتوب الذي يضم أكبر تجمع لمقاطع
الفيديو في العالم أو الفيسبوك ، التويتر ،و الانستغرام ، والسكايب و الواتسأب...
فهده المواقع على شبكة الإنترنيت سهلت
عملية التواصل ، سهلت تدفق المعلومات ، قلصت
المدة الزمنية ، كسرت القيود التي تفرضها الحكومات والأنظمة الاستبدادية ، وأبانت
عن قدرة هائلة على حشد وتعبئة الجماهير في وقت زمني بسيط ، بشكل لم يسبق له مثيل
في ما يمكن أن يصطلح عليه بالثورة المعلوماتية .
كل هذه الامكانيات التي اتاحتها
الشبكة العنكبوتية ، ساهمت في إيصال معاناة الشعوب العربية، كما ساهمت في تعبئة
الشعوب العربية من أجل الخروج للمطالبة بحقوقها . فلا غرابة إذا أن اولى الدعوات
التي دعت إلى التعبئة ضد غياب العدالة الاجتماعية خرجت من خلال الشبكة العنكبوتية.
خلاصة
القول ، إن موضوع متشعب ومعقد كهذا ، يحتاج إلى الكثير من البحث والتقصي من أجل
لأحاطة بمكنوناته ،لكني حاولت هنا أن أقدم ولو لمحة بسيطة و مختزلة حوله
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك حول الموضوع