دور الانترنيت في الحراك الاجتماعي

هشام بنعلي قدور                                                                                                      
                   
عندما بدأ ما سمي إعلاميا  بالربيع العربي او الربيع الديموقراطي أو غيرها من التسميات ، التي تعبر عن انتفاض الشعوب العربية الاسلامية ضد كل أشكال الطغيان والاستبداد واحتكار  السلطة وغياب العدالة الاجتماعية .
عند كل ذلك ، بدأت التحليلات والتفسيرات لما حصل ، حيث ظهرت هنا وهناك تفسيرات إقتصادوية و أخرى سياسوية وثالثة إعلاموية ... ،  الكل يرجع فضل الحراك الاجتماعي  إليه . وكما يقال الانتصار له ألف أب  أما الهزيمة فهي يتيمة . الاسلاميون يقولون بأن تحريك المياه الراكدة يعود إليهم هم، لا لغيرهم ، هم من واجهوا الانظمة العسكرية و الديكتاتورية ، واليساريون يقولون أن هذا الحراك هو نتيجة نضالهم ضد الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة ، وهكذا فكل جهة تنسب الحراك إليها .
لكن ، في نظري أن العديد من هؤلاء الذين ذكرنا  أعلاه و غيرهم ، تغافلوا ، إما عن سوء نية أو عن حسن نية ، عن دور عامل مهم ، من  بين عوامل كثيرة ، ألا وهو دور الانترنيت في تسهيل عملية التواصل قبل و أثناء وبعد اندلاع الانتفاضات في الوطن العربي .



ترى ما هي تجليات هذا الدور ؟
معظم الناس يعلمون  أن الانترنيت أصبح ضرورة حتمية لا مناص منها  ولا فراق عنها ، لأنه سهل عملية التواصل بين بني البشر ، ألغى الحدود وقلص بشكل ملحوظ من قدرة وسائل التواصل التقليدية ( الجرائد والراديو و التلفاز...) ، التي كان فيها دور الإنسان سلبي ، مجرد متلقي للأخبار و المعلومات ، لكن مع مجيء الانترنيت تغير الامر ، لم يعد الإنسان مجرد مستقبل للمعلومات ، بل أصبح هو الاخر ينتج الاخبار و الفيديوهات و المقاطع الموسيقية ، أصبح يعلق عليها ، أصبح يعبر عن رأيه سواء عن طريق ما هو سمعي_بصري أو عن طريق التدوين عبر المدونات (مثلما  نعمل نحن الان) .
إذا فالانترنيت نقلت الإنسان من مرحلة أو خانة التلقي إلى خانة الفعل ، فتحول إلى صحفي يستطع تصوير مقطع فيديو أو  كتابة مقال معين حول قضية أو مسألة معينة تهم معيشه اليومي . أصبح قادر على فضح المستور الذي أريد له أن يبقى مستور . ويقوم بتحميله على أحد مواقع التواصل الاجتماعي واسعة الانتشار التي يرتادها الملايين من البشر دون الحاجة إلى المرور عبر مقص الرقيب ، كاليوتوب الذي يضم أكبر تجمع لمقاطع الفيديو في العالم أو الفيسبوك ، التويتر ،و الانستغرام ، والسكايب و الواتسأب...
فهده المواقع على شبكة الإنترنيت سهلت عملية التواصل ، سهلت تدفق المعلومات ،  قلصت المدة الزمنية ، كسرت القيود التي تفرضها الحكومات والأنظمة الاستبدادية ، وأبانت عن قدرة هائلة على حشد وتعبئة الجماهير في وقت زمني بسيط ، بشكل لم يسبق له مثيل في ما يمكن أن يصطلح عليه بالثورة المعلوماتية .
كل هذه الامكانيات التي اتاحتها الشبكة العنكبوتية ، ساهمت في إيصال معاناة الشعوب العربية، كما ساهمت في تعبئة الشعوب العربية من أجل الخروج للمطالبة بحقوقها . فلا غرابة إذا أن اولى الدعوات التي دعت إلى التعبئة ضد غياب العدالة الاجتماعية خرجت من خلال الشبكة العنكبوتية.
خلاصة القول ، إن موضوع متشعب ومعقد كهذا ، يحتاج إلى الكثير من البحث والتقصي من أجل لأحاطة بمكنوناته ،لكني حاولت هنا أن أقدم ولو لمحة بسيطة و مختزلة حوله 

تعليقات